يتزامن عيد المرأة مع تاريخ إصدار مجلة الأحوال الشخصية والتي تتصدر خطابات عديدة لتعبر عن شموليتها في تحقيق كل ما يمكن تحقيقه من مكتسبات ولمحاججة كل من يطمح لمزيد تدعيم حقوق النساء في تونس. إلا أنه وبالتوازي مع الإعتراف بالاهمية التاريخية لهذه المجلة، ودورها الرئيسي في تكوين حقوق النساء داخل الأسرة التونسية، وجب التفكير في مدى مطابقة سياق وضعها الاجتماعي والسياسي وجملة المكاسب التي أتت بها مع ما تشهده تونس اليوم من حراك نسوي ومجتمعي وأحداث سياسية. و ينجر عن هذا التعامل معها كنص قانوني قابل للإصلاح ويتطلب قرائة نقدية مجردة عن أي تقديس، لما تحتويه من نقائص تجعلها لا تتلائم مع حاجيات المجتمع وتطوره. وتأتي هذه الحاجة الماسة لإعادة النظر في إحدى مكاسب تونس بعد الإستقلال و تمسكننا بدستور 2014 وما جاء بيه من ضمانات عدة لحقوق النساء (الفصول،40، 34، 21، 46)
وبالرغم من تنامي التكاتف النسوي الذي يظهر من خلال تحرر أصوات الضحايا فيما يتعلق بقضايا العنف والتحرش والإغتصاب و بروز حوار مجتمعي متواصل وغير منقطع حول المسائل المتعلقة بتحرر النساء وبقضايا أمنهن و حقوقهن،
إلا أنه ، وبهذه المناسبة تدعو أصوات نساء إلى :
• إعادة النظر في مجلة الأحوال الشخصية في إطار التزام الدولة الدستوري لدعم حقوق المرأة ومكتسباتها والعمل على تطويرها، أي عدم الإكتفاء بالحصيلة التشريعية لما بعد 1956، بل العمل على إحداث التنقيحات اللازمة لتفعيل المساواة التامة بين النساء و الرجال خاصة فيما يتعلق بمسائل مثل النفقة و رئاسة العائلة والميراث
• تفعيل كل الضمانات التي نص عليها دستور 2014 والمتعلقة بحقوق النساء، مما يقتضي إطلاق مبادرات لتحقيق المساواة الشاملة والتامة بين النساء والرجال؛
• البدء بتفعيل مبدأ التناصف على مستوى الحكومات القادمة والتعيينات وذلك في إطار التشريك الفعلي للنساء في الحياة السياسية وتطبيقا للفصل 46 من دستور 2014
• تطبيق الترسانة القانونية الموجودة بكل جدية سواء تعلقت بالقضاء على العنف ضد النساء أو تنظيم العمل المنزلي أو خلق صنف جديد من النقل العاملات الفلاحيات، وهي مكتسبات تشريعية قيمة ولكنها غير مفعلة كما ينبغي
• إعداد برنامج شامل للقضاء على العنف ضد النساء، يشمل جميع الوزارات ويتم تفعيله بمساعدة كل الأطراف المعنية، ويتم رصد الإعتمادات اللازمة لتطبيقه,
وبالرغم من الوضع الإستثنائي الذي تشهده البلاد والذي يعمق وضعية الهشاشة الإقتصادية والإجتماعية والأمنية للنساء، لا يسع أصوات نساء إلا أن :
• تعبر عن تمسكها بكل حقوق النساء دون تجزئة، وعن ايمانها بأهمية وضرورة المساواة التامة بين المواطنين والمواطنات،
• تعبر عن أن مجال التراجع عن أي حق من الحقوق المكتسبة للنساء منعدم، مهما تدهورت الوضعية السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية وأن الحراك النسوي فرض نفسه كمكون مستقر رغم حركية فكره بعد ثورة الحرية والكرامة.
• تذكر أن النساء في تونس هن في حرب دائمة من أجل افتكاك حقوقهن الأساسية والبسيطة : لقد حرمت رفقة الشارني من حقها في الحياة برصاص الدولة وصمتها! وهي ليست الوحيدة التي تدافع يوميا عن حقها في البقاء! تبحث النساء يوميا عن حق إقتصادي كالأجر الكامل، أو ميراث كامل، عن حق حياتي كالماء، عن حق إجتماعي في التغطية الصحية، في عطلة الأمومة، عن حقهن في الأمن أينما كن، في مكان عام أو خاص، وعن حقهن في نقل آمن لا يؤدي بحياتهن. هذا النضال اليومي للنساء لن يتوقف حتى نقتلع جميع حقوقنا، كلها، دون تجزئة ودون تنازلات.
• تدعو جميع المناصرات والمناصرين لقضايا النساء للمضي قدما نحو جعل تونس، بلدا امنا للنساء، ضامنا لحقوقهن وكرامتهن، في تكريس حقيقي لمقتضيات الدستور، ومواصلة النضال ضد الثقافة الذكورية القاتلة وضد الصور النمطية للنساء، وضد رجعية الخطاب العنيف ضدهن.
عيدا سعيدا للنساء، كلهن ، دون تمييز مهما حللن وأينما وجدن.