تونس في 17 أوت 2020
بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة يوم 13 أوت 2020 و الذي يتزامن مع الذكرى 64 على صدور مجلة الأحوال الشخصية ألقى رئيس الجمهورية قيس سعيد خطابا اعتبرته أصوات نساء مهينا للنساء في عيدهنّ. حيث أقر بأنّ : » المساواة في الميراث أمر محسوم .. وأن النصّ القرآني واضح و لا يقبل التأويل و منظومة الإرث في الإسلام لا تقوم على المساواة الشكلية بل تقوم على العدل و الإنصاف ».
و لهذا نستنكر و بشدة ما جاء على لسان رئيس الدولة رمز وحدتها و الساهر على احترام الدستور. كما تذكر أصوات نساء الرئيس قيس سعيد الأستاذ في القانون الدستوري بدوره وفقا لأحكام الدستور التي أقرت مدنية الدولة التونسية المتعهدة طبقا للفصلين 21 و 46 منه بالحرص على ضمان المساواة بين المواطنات و المواطنين وعلى حماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعمل على دعمها و تطويرها وعلى اتخاذ التدابيرالكفيلة بالقضاء على العنف ضد النساء.
و على إثرالزيارة التي أداها الرئيس في اليوم نفسه للعاملات في القطاع الفلاحي بمنطقة المرايدية من معتمدية بوسالم بولاية جندوبة، و ذلك للاستماع لمشاغلهن والصعوبات التي تعشنها يوميا على غرار مخاطر التنقل وتدني الأجور في القطاع الفلاحي وانقطاع الفتيات عن التعليم، فضلا عن تداعي عدد من مساكن أهالي المنطقة للسقوط. وقد أكد رئيس الجمهورية ضرورة العمل على تمكين كافة النساء من حقوقهن وخاصة منها الاقتصادية والاجتماعية وأن لا يكون ذلك مرتبطا بمناسبة بعينها بل عملا متواصلا. و لذلك تندد أصوات نساء بهذه الزيارة إذ تعتبرها أنها لا تغير في واقع النساء شيئا ، فواقع النساء الفلاحات الريفيات المقهورات المضطهدات محفوف بالمعاناة اليومية نتيجة إطار عائلي و اجتماعي و اقتصادي يستغلهن و يأكل عرق جبينهن فقرابة 80% من الملكيات العائلية الفلاحية تعود للرجال حيث يقتصر دور النساء على العمل فيها إما بدون أجر أو بأجر متدني عن الرجال و بلا تغطية اجتماعية و بلا نظام حماية اجتماعية و منحة شيخوخة ، كل هذا وسط ظروف نقل كارثية لا تحترم فيها أبسط الحقوق الكونية للإنسان. و طالما إرساء العدالة الاجتماعية في سياسات الدولة و تشريعاتها فلا جدوى لهذه الزيارات الميدانية حيث نذكر كمثال على ذلك القانون عدد 51 المتعلق بنقل العاملات بالقطاع الفلاحي و الذي دخل حيز التنفيذ منذ سنة 2019 ومع ذلك مازالت العاملات بالقطاع الفلاحي تركبن على متن شاحنات الموت كل صباح .
ولهذا تعتبر أصوات نساء أن رئيس الجمهورية قد اصطفّ رسميا مع القوى الرجعية و المعادية للحقوق التي اكسبتها النساء منذ إقرار مجلة الأحوال الشخصية بخطابه المتجاهل للدستور و للحقوق و الحريات المكتسبة ، و ذلك باسم الدين و الهوية العربية الإسلامية . و الحقيقة أن هذه الخطابات و التصرفات لا تكشف إلا الفكر المحافظ و الذكوري المتلون الذي يشدّ المجتمعات إلى الخلف و يعيق التطور و تحقيق العدالة فيها .كما تأكد على أن خطاب رئيس الجمهورية قد اغتال قيم الدستور وطموحات الثورة التونسية و ألقى بطموحات التونسيات والتونسيين المناصرة للدولة المدنية القائمة على الحرية والمساواة بلا تمييز أو عنف أو إقصاء بينهن/م وهو ما يعيق و يعرقل استكمال بنائها .
و لذلك تدعو أصوات نساء رئيس الجمهورية إلى السهر على احترام الدستور وإلغاء كلّ مظاهر اللامساواة والتمييز بين التونسيين والتونسيات من كل مجالات التشريع التونسي بما في ذلك المواريث خاصّة وأن تونس صادقت على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضدّ المرأة التي تلزم الدولة على اتخاذ جميع التدابير التي تضمن على أساس المساواة بين الرجال و النساء نفس الحقوق في اقتناء الملكيّة، والميراث هو شكل من أشكال اقتناء الملكية.
كما نلتمس من رئيس الجمهورية عدم تجاوز صلاحياته و التعسف في استعمالها و ذلك بتنصيب نفسه ناطقا رسميا باسم المحكمة الدستورية و ذلك في ظل عدم استكمال اجراءات تركيزها و إرسائها.
و في الأخير تذكر أصوات نساء بكل النضالات التي خاضها المجتمع المدني و كل الحقوقيات و الحقوقيين الذي/اللاتي ت/يؤمنون بقيم الدولة المدنية و المساواة بين التونسيين والتونسيات و ذلك من أجل تدعيم حقوق النساء و النهوض بها في مجتمع ذكوري و إقصائي. كما تشدد على أن التغيرات السياسية مهما كان نوعها لن تؤثر على نضالاتنا التي لامجال للتراجع عنها في سبيل إرساء دولة مدنية و عادلة تحترم الحقوق الكونية و الإنسانية و لا تمييز فيها بين الأشخاص مهما كان جنسهم.