فوضى الأرقام: التطبيق القضائي للقانون عدد58 لسنة 2017, بين ارتفاع منسوب العنف ضد النساء وغياب الاحصائيات الرسمية
يسعى قسم المناصرة بجمعية أصوات نساء في إطار عمله الى جمع احصائيات متعلقة بمدى تطبيق القوانين المصادق عليها واثاراها على الأفراد والمجتمع.
وفي هذا الإطار قامت أصوات نساء بمراسلة وزارة العدل عديد المرات بغية التحصل على إحصاءات تهم مدى التطبيق القضائي للقانون عدد 58 لسنة 2017, ولكن دون التحصل على إجابة شافية.
حيث راسلت أصوات نساء وزارة العدل بتاريخ 04 ماي 2021 وطلبت الحصول على الاحصائيات حول عدد القضايا المفصولة والتي تمت فيها الإدانة في جرائم التحرش من جهة وجرائم المضايقة من جهة أخرى خلال السنة القضائية 2019-2020. فما راعها الا أن قامت وزارة العدل بإفادتها بتاريخ 20 ماي 2021 بجدول احصائي متعلق بعدد القضايا المفصولة في جرائم المضايقة على الفتيات خلال السنة القضائية 2019-2020 تضمن مجموع 400 قضية موزعة بين 158 قضية في المحاكم الابتدائية و242 في محاكم الناحية.
وحيث وبعد استيفاء كافة إجراءات الطعون أمام هيئة النفاذ الى المعلومة، تحصلت أصوات نساء على مراسلة من وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية بوزارة العدل الى رئيس هيئة النفاذ الى المعلومة أفاده بمقتضاها بأن الوزارة تفتقر حاليا لنظام معلوماتي يمكن من تغطية كافة أنواع القضايا المنشورة بالمحاكم بمختلف تفريعاتها ومالاتها.
وحيث راسلت أصوات نساء وزارة العدل في مناسبة ثانية بتاريخ 20 ماي 2021 وطلبت الحصول على احصائيات تهم عدد القضايا التي تم البت فيها والمتعلقة بجرائم قتل النساء جراء العنف منذ دخول القانون عدد 58 لسنة 2017 حيز النفاذ، وتحصلت بتاريخ 21 جوان 2021 على رد من وزارة العدل يفيد بأن عدد القضايا المذكورة الى نهاية السنة القضائية 2019-2020 ينحصر في قضيتين (2) لا غير.
وحيث وأمام هاته المعطيات، يهم أصوات نساء أن تعبر عن:
• استغرابها من الخلط في المفاهيم لدى مصالح وزارة العدل، حيث أن ردها بتاريخ 20 ماي 2021 جاء بصياغة تحمل تماثلا بين جرائم المضايقة على الفتيات وجرائم التحرش الجنسي، والحال أن هاتين الجريمتين تختلفان من حيث الفحوى والأركان. حيث أفرد قانون مناهضة العنف ضد المرأة كلتا الجريمتين بعقوبات خاصة وهو ما يؤكد على اختلافهما:
الفصل 15: » يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار مرتكب التحرش الجنسي. ويعتبر تحرشا جنسيا كل اعتداء على الغير بالأفعال أو الإشارات أو الأقوال تتضمن إيحاءات جنسية تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المعتدي أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغط خطير عليه من شأنها إضعاف قدرته على التصدي لتلك الضغوط. »
الفصل 17: » يعاقب بخطية من خمس مائة دينار إلى ألف دينار كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في فضاء عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شانها أن تنال من كرامتها أو اعتبارها أو تخدش حياءها. »
• أسفها لعدم وجود نظام احصائي متكامل وناجع لدى مصالح وزارة العدل من شأنه رصد القضايا المنشورة والمفصولة والتي تمت فيها الإدانة لما فيه من دور تقييمي لمدى تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 ولمدى نجاعته.
• استهجانها لبطء عمل القضاء في البت والفصل في جرائم قتل النساء جراء العنف، حيث أنه وبالرغم ارتفاع منسوب جرائم القتل التي هزت الرأي العام وراحت ضحيتها نساء تونسيات تعرضن للعنف القاتل، نجد أن المحاكم التونسية لم تفصل الا في جريمتين اثنين خلال سنة قضائية كاملة وهو ما من شأنه أن يكرس ثقافة التطبيع مع العنف والإفلات من العقاب في أذهن المعتدين.
كما تطالب جمعية أصوات نساء رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة :
• بسن قوانين تلزم وزارة العدل وكافة الوزارات باعتماد أنظمة إحصائية حديثة علنية تستجيب لمتطلبات المرحلة و تكرس حق النفاذ الى المعلومة الى كافة التونسيين و التونسيات.
• بالترفيع من الميزانية المخصصة لهيئة النفاذ للمعلومة بما أن القانون الأساسي للميزانية و قوانين المالية و غلق الميزانية و المصادقة على مخططات التنمية هي من مشمولات رئيس الجمهورية بمقتضى الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021.
• تحمل مسؤولياتها الى جانب كافة المتدخلين في تطبيق القانون وتنفيذ التزاماتهم المحمولة على عاتقهم بمقتضى القانون وذلك على مستوى الاحصاء وتتبع المعتدين والقطع مع ثقافة الإفلات من العقاب.
كما تجدد أصوات نساء تضامنها المطلق واللامشروط مع كافة الناجيات من العنف المسلط على النساء وتدعو الدولة التونسية الى معاضدة مجهودات منظمات المجتمع المدني في احاطتهن وحمايتهن.