بعد مرور فترة عن إقرار الحجر الصحي الشامل و تقدّم المجتمع المدني برسالة للحكومة من أجل اعتماد سياسة نسوية لمجابهة وباء الكورونا ، كنا ننتظر حدا أدنى من الاستجابة للتوصيات المقترحة و المتعلقة أساسا بإقرار إجراءات حمائية ووقائية للنساء و خاصة العاملات و المكافحات منهن خلال الفترة القادمة.
و لكن فوجئت أصوات نساء بصدور الأمر الحكومي عدد 208 لسنة 2020 المؤرخ في 2 ماي 2020 و المتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي الموجه الذي جاء بالفصل 10 منه أن النساء الحوامل و الأمهات اللاتي لا يتجاوز سن أبنائهن 15 سنة يبقون رفقة أشخاص آخرين خاضعين لإجراءات الحجر الصحي الشامل .
ولهذا تندد أصوات نساء و بشدة بهذا الأمرالتمييزي الذي لا يتطابق مع الحقوق و الحريات الدستورية بل فيه تراجع عنها نظرا لمساسه بقيم المساواة بين المواطنين و المواطنات في الحقوق و الواجبات التي جاء ت بالفصل 21 منه و لمخالفته لأحكام الفصل 46 الذي ينص أن » الدولة تلتزم بـحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها. وتضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات ».
و أخيرا تستنكر أصوات نساء ما جاء في هذا الأمر الحكومي لما فيه من ترسيخ للصور النمطية و التقليدية للنساء داخل المجتمع و التي تجعل منهن مسؤولات عن البقاء في المنزل للعناية بالأطفال و القيام بالشؤون المنزلية من جهة . ومن جهة أخرى ، لما يحتويه من إقصاء للنساء و لدورهن داخل المجتمع و حد صارخ من حريتهن وهذا ما يعكس تهميشا للنساء المعيلات لعائلاتهن.
و تستغرب أصوات نساء البيان الذي صدر عن رئاسة الحكومة يوم 3 ماي 2020 والذي أقرت فيه تسرب خطأ في الصياغة التي نشرت بالرائد الرسمي فالمقصودين بالبقاء في المنزل هم الأطفال و ليس النساء و تطلبها بالتراجع الفوري عن هذه الصياغة من خلال ترك الحرية للزوجين في تقرير من منهما يرعى الأطفال والعمل على إيجاد حلول فورية للعائلات في حضانة أطفالهم/ن خلال أوقات العمل عوضا عن المساس بالحقوق المكتسبة للنساء و التقليل من مكانتهن داخل المجتمع التونسي .